أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها،
الحديثُ إليكم وعنكم ذو شجون وأحزان، فعندما تحديّت ربَّ العزة ورفضتُ السجود لابيكم آدم، ذهب الظن بي أن مهمتي ستكون صعبةً للغاية، وأن الانسانَ يستطيع التمييز بين الخير والشر، وأن تجاربه السيئة مع وسوستي ستجعله حذِراً، ولا يقع في الفخ مرتين، فإذا به يقع في خلال عمره آلاف المرات ولا يتعلم من تجاربه رغم أن فيه نفخة من روح الله.
عندما انتهت مهام كل الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله لهداية البشر، جاءت الرسالة الأخيرة لتكون رحمة للعالمين بين يدي محمد بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه.
وازداد خوفي، وكدت أتراجع عن التحدي الذي قلت فيه لرب العزة لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين.
لن أحدّثكم الآن عما فعلتُه مع الذين دعاهم أنبياء الله ورسله إلى كلمة الحق والهداية طوال آلاف السنين.
ولن أتصفح أمامكم التاريخ منذ بداية البعثة المحمدية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، لكنني سأتحدث معكم لغةً تعرفونها، ومنطقا لا تنكرون وجوده، وأصف لكم مشاهد تعيشونها وتعايشونها، بل تصنعونها بدقة متناهية.
أشعر معكم أنني أصبحت عاطلا عن العمل، بل أجزم بأن مهمتي في الحقب الماضية كلها لم تكن بمثل تلك السهولة التي تجعلني راغبا في حثكم على الفضيلة والأخلاق والرحمة والتسامح لعل هذا يُعيد مهمتي إلى دائرة التحدي التي تليق بمَلك الخطايا، إبليسكم ورافض السجود لابيكم آدم الذي خلقه الله من طين وخلقني من نار.
بين ايديكم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبلغة تعرفونها، ويدعوكم إلى المحبة والخير والسلام والتسامح، لكنكم تُحرّفون الكلمَ عن مواضعه، وتقومون بتأويل كلام العزيز الوهاب حتى لو كان أوضح من قمر في تمام بدره.
يقول لكم ربكم ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ولا أحسب أن الأمر يحتاج لعلماء وفقهاء ومفسرين ولغويين واستنتاجات، فإذا بكم تضربون عُرض البحر بأقدس كلام لديكم، وتبحثون في كتب الأولين عن اسرائيليات أو آراء مخالفة أو فكر مسرور السيّاف، لتقطعوا رقاب من لا يؤمنون أن حرية العقيدة مشروطة بالبقاء في العقيدة نفسها، أي أنكم ترفضون كلام ربكم، وتبحثون عن مبررات واهية تسمح لكم بقطع الرقاب، واستخدام تعبير المرتد وكأنكم تفرضون على من يطيع كلام الله، ويختار بمحض ارادته دينه وعقيدته ومذهبه أن يستشير أولا العلماء والفقهاء ليفسروا له ما لا يحتاج لتفسير.
ما الذي دهاكم وجعلكم تسارعون إلى القشور، وتلتفون حول صغائر الأمور، وتحتقرون العقل كأنه خصم للايمان رغم أن الطريق المؤدي إلى مناهضتي، وعصياني، ورفض وسوستي يبدأ من العقل .. وليس من الايمان.
العقل يؤدي في كثير من الأحيان إلى الايمان القوي والصلب والعميق والمقنع، أما الايمان كبداية فربما يقف حائرا أمام اغراءات أقدمها أنا، وألصق بها تبريرات أعرف تماما أنكم لن تعرضونها على العقل.
الايمان أولا جعلكم تتقاتلون على بديهيات، وترفعون السيوف فوق المصاحف، ويظن كل منكم أن الله منحاز إليه فقط.
أما العقل الذي يؤدي إلى الايمان فيتولى عملية الغربلة، والتفنيد، والمناقشة، وعرض التناقضات في أوسع دائرة ليراها كلها ويميز بينها.
بحثت عن بعض الأماكن التي يتميز فيها المسلمون بكثرة العدد والعدة والعلماء والشيوخ والفقهاء وكل دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فما وجدت أسهل من العمل بها، بل لا أبالغ إن قلت لكم بأني جنحت إلى التكاسل والخمول والنوم مبكرا، فأنتم تقومون بمهمتي، فإذا استيقظت وجدتكم تتفوقون على امكانياتي الهائلة، فيذبح الشيعة اخوانهم السُنّةَ، ويفجر السُنّةُ أجسادهم في اخوانهم الشيعة، وكل طائفة تقف أمام كم هائل من الكراهية استدعتها عبر عشرات الآلاف من الاعمال الخلافية التي تنام في بطون الكتب فتوقظها حماقة تتورم في رأس المسلم، فيظن الشيعي أنه يملك الحق المطلق، ويؤمن السني أن عقيدة الشيعي باطلة إلى يوم القيامة.
كأن كل واحد منكم اختار بطن أمه، بل عرف مذهبه وهو نطفة ثم علقة ثم مضغة.
خلافاتكم الفكرية أكثر دموية من الحروب نفسها، وبدلا من أن تنطق ألسنتكم بالحقيقة المُرّة وهي أنكم تساهمون معي في تسهيل مهمتي، فإنكم تُصرّون أن الله منحاز إلى السُنّي أو الشيعي أو عضو جماعة اسلامية أو طائفة من المعتزلة أو الخوارج أو عشرات، بل مئات من الجماعات المنشقة.
دعوني أعترف لكم بأنه مَرّ عليّ حينٌ من الدهر كنت خائفا أن يكتشف المسلمون عبقرية الاسلام، وسماحة هذا الدين الحنيف، وقيمة الحرية في صلب العقيدة، والايات البينات التي لا تحتاج لتفسير أو تأويل.
كنت خائفا أن تعرفوا القيمة السامية والكبرى لفكرة خاتمة الرسالات السماوية، أي العقل والتطور والنضوج واكتشاف المناطق المجهولة في النفس الانسانية، ومحاربتي كشيطان رجيم بطرق حديثة، وعقل تراكمت أمامه كل فلسفات التاريخ وتجاربه ومشاهده، لكنكم فضّلتم الانحياز إلى الطرف الذي أمثله، فتتقاتلون على تمرة، وتمارسون عبادة الأشخاص، وتلقون العقل في سلة المهملات من أجل الحفاظ على ما وجدتم عليه آباءكم.
كنت أرتعد رعبا وفزعا أن تكتشفوا الاسلام العظيم على حقيقته، وأن تعرفوا أن زمنكم غير أزمنة سابقة، وأن مهمتكم تختلف وفقا لما تتعرضون له من مخاطر، وتؤرقكم هموم لو مَرّت كالسهم أمام أجدادكم في زمن غابر لما تمكنوا من الصمود يوما أو بعض اليوم.
خشيت أن تعثروا على عبقرية الدين، فتعرفون أن محاربتي كملك العصاة إبليس اللعين تبدأ من العقل، وتمر بالتسامح تجاه الآخرين، وتضحكون على خلافات الأقدمين، وتنبذون ما يفرق شملكم، وتتركون حرية العقيدة لحماية الاسلام، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
كدت أسقط من الخوف عندما مَرّت بذهني أوهام اكتشافكم سماحة الاسلام في التعامل مع الآخرين، وبأن الزبد يذهب جفاء ويبقى في الأرض ما ينفع الناس، لكنني استلقيت ضحكا وسعادة ومرحا عندما وجدتكم تجهدون أنفسكم في البحث عن المتناقضات، وتحللون الدماء كأن القتل هو الطريق إلى الجنة، وتشككون في بعضكم، وترفضون سبل افتراض حُسن النيّة، فالسيف على رقبة المخالف، ولو كان كاتبا أكاديميا نشر كتابا لا يقرأه ثلاثون أو أقل من أربعين أو أكثر من عشرين شخصا.
خرجت من رأسي حمم من شواظ من نار عندما تناهت إلى سمعي همهمات رجال يحبون الله، ويؤمنون بأنه الأكبر، ويريدون ترك حساب الآخرة لملك الملوك.. الخالق الوهّاب، فحرية العقيدة فيها هزيمتي المنكرة واقع حتمي ولو بعد حين، والانسان عندما يختار دون وَجَلٍ أو خوف من عقاب أو سيف بتّار يلمس رقبته فإنه ينحاز إلى العقل، وحينئذ يشرق الاسلام من جديد.
ثم هدأتُ قليلا، وبعدها ركنت إلى ركن قَصيّ أضحك ملء وجهي فقد اخترتم طريقا آخر يُسَهّل مهماتي الملقاة على عاتقي منذ بدء الخليقة.
منقووووووول
الحديثُ إليكم وعنكم ذو شجون وأحزان، فعندما تحديّت ربَّ العزة ورفضتُ السجود لابيكم آدم، ذهب الظن بي أن مهمتي ستكون صعبةً للغاية، وأن الانسانَ يستطيع التمييز بين الخير والشر، وأن تجاربه السيئة مع وسوستي ستجعله حذِراً، ولا يقع في الفخ مرتين، فإذا به يقع في خلال عمره آلاف المرات ولا يتعلم من تجاربه رغم أن فيه نفخة من روح الله.
عندما انتهت مهام كل الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله لهداية البشر، جاءت الرسالة الأخيرة لتكون رحمة للعالمين بين يدي محمد بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه.
وازداد خوفي، وكدت أتراجع عن التحدي الذي قلت فيه لرب العزة لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين.
لن أحدّثكم الآن عما فعلتُه مع الذين دعاهم أنبياء الله ورسله إلى كلمة الحق والهداية طوال آلاف السنين.
ولن أتصفح أمامكم التاريخ منذ بداية البعثة المحمدية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، لكنني سأتحدث معكم لغةً تعرفونها، ومنطقا لا تنكرون وجوده، وأصف لكم مشاهد تعيشونها وتعايشونها، بل تصنعونها بدقة متناهية.
أشعر معكم أنني أصبحت عاطلا عن العمل، بل أجزم بأن مهمتي في الحقب الماضية كلها لم تكن بمثل تلك السهولة التي تجعلني راغبا في حثكم على الفضيلة والأخلاق والرحمة والتسامح لعل هذا يُعيد مهمتي إلى دائرة التحدي التي تليق بمَلك الخطايا، إبليسكم ورافض السجود لابيكم آدم الذي خلقه الله من طين وخلقني من نار.
بين ايديكم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبلغة تعرفونها، ويدعوكم إلى المحبة والخير والسلام والتسامح، لكنكم تُحرّفون الكلمَ عن مواضعه، وتقومون بتأويل كلام العزيز الوهاب حتى لو كان أوضح من قمر في تمام بدره.
يقول لكم ربكم ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ولا أحسب أن الأمر يحتاج لعلماء وفقهاء ومفسرين ولغويين واستنتاجات، فإذا بكم تضربون عُرض البحر بأقدس كلام لديكم، وتبحثون في كتب الأولين عن اسرائيليات أو آراء مخالفة أو فكر مسرور السيّاف، لتقطعوا رقاب من لا يؤمنون أن حرية العقيدة مشروطة بالبقاء في العقيدة نفسها، أي أنكم ترفضون كلام ربكم، وتبحثون عن مبررات واهية تسمح لكم بقطع الرقاب، واستخدام تعبير المرتد وكأنكم تفرضون على من يطيع كلام الله، ويختار بمحض ارادته دينه وعقيدته ومذهبه أن يستشير أولا العلماء والفقهاء ليفسروا له ما لا يحتاج لتفسير.
ما الذي دهاكم وجعلكم تسارعون إلى القشور، وتلتفون حول صغائر الأمور، وتحتقرون العقل كأنه خصم للايمان رغم أن الطريق المؤدي إلى مناهضتي، وعصياني، ورفض وسوستي يبدأ من العقل .. وليس من الايمان.
العقل يؤدي في كثير من الأحيان إلى الايمان القوي والصلب والعميق والمقنع، أما الايمان كبداية فربما يقف حائرا أمام اغراءات أقدمها أنا، وألصق بها تبريرات أعرف تماما أنكم لن تعرضونها على العقل.
الايمان أولا جعلكم تتقاتلون على بديهيات، وترفعون السيوف فوق المصاحف، ويظن كل منكم أن الله منحاز إليه فقط.
أما العقل الذي يؤدي إلى الايمان فيتولى عملية الغربلة، والتفنيد، والمناقشة، وعرض التناقضات في أوسع دائرة ليراها كلها ويميز بينها.
بحثت عن بعض الأماكن التي يتميز فيها المسلمون بكثرة العدد والعدة والعلماء والشيوخ والفقهاء وكل دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فما وجدت أسهل من العمل بها، بل لا أبالغ إن قلت لكم بأني جنحت إلى التكاسل والخمول والنوم مبكرا، فأنتم تقومون بمهمتي، فإذا استيقظت وجدتكم تتفوقون على امكانياتي الهائلة، فيذبح الشيعة اخوانهم السُنّةَ، ويفجر السُنّةُ أجسادهم في اخوانهم الشيعة، وكل طائفة تقف أمام كم هائل من الكراهية استدعتها عبر عشرات الآلاف من الاعمال الخلافية التي تنام في بطون الكتب فتوقظها حماقة تتورم في رأس المسلم، فيظن الشيعي أنه يملك الحق المطلق، ويؤمن السني أن عقيدة الشيعي باطلة إلى يوم القيامة.
كأن كل واحد منكم اختار بطن أمه، بل عرف مذهبه وهو نطفة ثم علقة ثم مضغة.
خلافاتكم الفكرية أكثر دموية من الحروب نفسها، وبدلا من أن تنطق ألسنتكم بالحقيقة المُرّة وهي أنكم تساهمون معي في تسهيل مهمتي، فإنكم تُصرّون أن الله منحاز إلى السُنّي أو الشيعي أو عضو جماعة اسلامية أو طائفة من المعتزلة أو الخوارج أو عشرات، بل مئات من الجماعات المنشقة.
دعوني أعترف لكم بأنه مَرّ عليّ حينٌ من الدهر كنت خائفا أن يكتشف المسلمون عبقرية الاسلام، وسماحة هذا الدين الحنيف، وقيمة الحرية في صلب العقيدة، والايات البينات التي لا تحتاج لتفسير أو تأويل.
كنت خائفا أن تعرفوا القيمة السامية والكبرى لفكرة خاتمة الرسالات السماوية، أي العقل والتطور والنضوج واكتشاف المناطق المجهولة في النفس الانسانية، ومحاربتي كشيطان رجيم بطرق حديثة، وعقل تراكمت أمامه كل فلسفات التاريخ وتجاربه ومشاهده، لكنكم فضّلتم الانحياز إلى الطرف الذي أمثله، فتتقاتلون على تمرة، وتمارسون عبادة الأشخاص، وتلقون العقل في سلة المهملات من أجل الحفاظ على ما وجدتم عليه آباءكم.
كنت أرتعد رعبا وفزعا أن تكتشفوا الاسلام العظيم على حقيقته، وأن تعرفوا أن زمنكم غير أزمنة سابقة، وأن مهمتكم تختلف وفقا لما تتعرضون له من مخاطر، وتؤرقكم هموم لو مَرّت كالسهم أمام أجدادكم في زمن غابر لما تمكنوا من الصمود يوما أو بعض اليوم.
خشيت أن تعثروا على عبقرية الدين، فتعرفون أن محاربتي كملك العصاة إبليس اللعين تبدأ من العقل، وتمر بالتسامح تجاه الآخرين، وتضحكون على خلافات الأقدمين، وتنبذون ما يفرق شملكم، وتتركون حرية العقيدة لحماية الاسلام، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
كدت أسقط من الخوف عندما مَرّت بذهني أوهام اكتشافكم سماحة الاسلام في التعامل مع الآخرين، وبأن الزبد يذهب جفاء ويبقى في الأرض ما ينفع الناس، لكنني استلقيت ضحكا وسعادة ومرحا عندما وجدتكم تجهدون أنفسكم في البحث عن المتناقضات، وتحللون الدماء كأن القتل هو الطريق إلى الجنة، وتشككون في بعضكم، وترفضون سبل افتراض حُسن النيّة، فالسيف على رقبة المخالف، ولو كان كاتبا أكاديميا نشر كتابا لا يقرأه ثلاثون أو أقل من أربعين أو أكثر من عشرين شخصا.
خرجت من رأسي حمم من شواظ من نار عندما تناهت إلى سمعي همهمات رجال يحبون الله، ويؤمنون بأنه الأكبر، ويريدون ترك حساب الآخرة لملك الملوك.. الخالق الوهّاب، فحرية العقيدة فيها هزيمتي المنكرة واقع حتمي ولو بعد حين، والانسان عندما يختار دون وَجَلٍ أو خوف من عقاب أو سيف بتّار يلمس رقبته فإنه ينحاز إلى العقل، وحينئذ يشرق الاسلام من جديد.
ثم هدأتُ قليلا، وبعدها ركنت إلى ركن قَصيّ أضحك ملء وجهي فقد اخترتم طريقا آخر يُسَهّل مهماتي الملقاة على عاتقي منذ بدء الخليقة.
منقووووووول